الاثنين، 14 مارس 2011

اليمن في مفترق الطريق بين رفض الرئيس للتغيير وإصرار المعتصمين على رحيل الرئيس علي صالح Yemen at the cross road between the president's refusal to change and the insistence

بعد ساعات قليلة على عرض الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، مبادرة لحل الأزمة السياسية التي تشهدها بلاده منذ انطلاق الاحتجاجات المطالبة برحيله، احتشد مئات الآلاف في المدن اليمنية بجمعة غضب، مطالبين بسقوط النظام، ومصرّون على الرحيل وفي محاولة لامتصاص انتفاضة الشارع، طرح الرئيس اليمني مبادرة لحل الأزمة عرضها الخميس الماضي 10 مارس على ما أسماه "مؤتمر الوطني"، اقترح فيها جملة من الإصلاحات الدستورية والسياسية والانتخابية، تضمنت إعداد دستور جديد يقوم على الفصل بين السلطات، ويقسم اليمن إلى أقاليم وفق معايير جغرافية واقتصادية، وينقل نظام الحكم إلى نظام برلماني منتخب بالقائمة النسبية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، ولجان تتولى إنجاز تلك المهام، وبما يفضي إلى انبثاق حكومة برلمانية جديدة نهاية العام الجاري، أو مطلع العام 2012. فيما يستمر صالح حتى نهاية ولايته عام 2013

 

بوابة المخلافي للإنترنت

 

غير أن هذا العرض سرعان ما رفض من قبل ائتلاف الشباب المحتجين، ومن قبل المعارضة ممثلة بأحزاب اللقاء المشترك، ومن حزب رابطة أبناء اليمن، ودعوا جميعهم إلى تصعيد الاحتجاجات، والإصرار على مطلب الرحيل، معتبرين أنها مجرد "مناورة لكسب الوقت" لم تأت بجديد.

 

الاحتجاجات تتوسع.. والقبيلة تدخل على الخط

 

ويرجح المراقبون أن الرئيس اليمني يُراهن على عامل الوقت، لإضعاف وتفكك قوة المطالبين بتنحيته، إلا أن الملاحظ توسع نطاق الاحتجاجات من يوم إلى آخر، ففي يوم الجمعة 11 مارس التي أطلق عليها المتظاهرون جمعة الصمود ، تدفق المطالبون برحيل النظام فرادى وجماعات إلى ساحات الاعتصام المنتشرة في أغلب المدن اليمنية شمالا وجنوباً وشرقاً وغرباً، و أعلن الآلاف من أعضاء نقابات المعلمين، ونقابة المهندسين، والصحفيين، والأدباء والصيادلة، والمحامين التحاقهم بميادين وساحات المعتصمين، مُعربين عن تضامنهم مع ضحايا الاعتداءات والقمع.

 

وفي دلالة على تزايد رقعة المطالبين برحيل النظام دخلت القبيلة على الخط كلاعب سياسي، بإعلان الكثير منها الانضمام إلى موجة الاحتجاجات التي تعصف بالبلاد، حيث أعلن العديد من رموزها التحاقهم بثورة التغيير وفق ما يطلقون عليها، ووصل الأمر إلى قبيلة حاشد التي ينحدر الرئيس صالح منها، حيث تحول عدد من شيوخها إلى صف المطالبين بسقوط النظام، وأبرزهم أولاد الراحل الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، رئيس مجلس النواب السابق، الذي كان يلقب بـ"شيخ الرئيس" الذين أعلن أغلبهم (ومن بينهم أعضاء في حزب الرئيس) انضمامهم وأعضاء في كتلته البرلمانية.

 

إضافة إلى ذلك، ارتفع عدد المستقيلين من كتلة الحزب الحاكم إلى 18 برلمانيا، بينهم النائب محمد عبد اللاه قاضي، وهو ابن شقيقة الرئيس اليمني، فيما أعلن علماء دين ظلوا حتى عهد قريب على مقربة من السلطة انحيازهم إلى مطالب الشارع، بعد أن رفض الرئيس صالح مبادرة عرضوها عليه تقضي بتركه السلطة في نهاية العام الجاري، مُبدياً إصراره على التمسك بفترته الدستورية حتى نهاية العام 2013.

 

الشارع يتحول إلى لاعب رئيسي

 

في الوقت نفسه، يبدي الرئيس صالح تمسكا قويا بالسلطة، على الرغم من غليان الشارع اليمني، ووشوك دخول البلاد في أزمة دستورية ستضاعف بلا ريب من الأزمة السياسية التي تعيشها، فوفقا للدستور الحالي والتعديل الذي أدخل على المادة (65 ) منه عام 2009 ومُددت بموجبه فترة مجلس النواب سنتين إضافيتين، بغرض إجراء إصلاحات سياسية وانتخابية أوشكت على نهايتها، دون إحراز أي تقدم في وقت بات من المتعذر سياسيا ودستوريا إجراء تمديد جديد للمجلس التشريعي الحالي في ضوء التحولات التي تعيشها البلاد منذ ظهور الشارع كلاعب سياسي جديد يطالب بإزاحة الوجوه المهيمنة على الحياة السياسية، وتجديد مؤسساتها الدستورية بمضامين جديدة، معلناً إصراره مطالب الدولة المدنية الحديثة.

 

وقد ترتب على تصميم الشارع معطيات ومتغيرات جديدة وجذب إليه فاعلين ونشطاء سياسيين وحقوقيين غيرت قواعد اللعبة إلى حد كبير، فالشارع اليمني الذي ظل مغيبا عن المعادلة السياسية بفعل الإقصاء والتهميش وهيمنة المؤسسات التقليدية أضحى جاذبا ومؤثرا في تلك المعادلة، وفق ما يرصده المراقبون، فالاعتصامات التي ينخرط فيها الشباب، والصمود الذي يبدونه رغم أعمال القمع والبلطجة التي تمارس ضدهم، استمال العديد من اللاعبين والفعاليات المجتمعية والسياسية، بل أدى إلى استقالة العديد من القيادات العليا والوسطية في الحزب الحاكم، احتجاجا على الممارسات ضد ما بات يطلق عليهم "شباب التغيير".

 

ومن ضمن المحتجين المنسحبين والمستقيلين من حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم في البلاد 18 عضوا من كتلته البرلمانية، شكلوا تحالفا جديدا أطلقوا عليه تسمية "كتلة الأحرار"، ليضافوا إلى كتلة المعارضة التي تضم 60 نائبا وثلاثة مستقلين، ليرتفع عدد أعضاء البرلمانيين المعارضين إلى 78 عضوا، وهذا العدد أعلى بكثير من ربع أعضاء المجلس، الأمر الذي يسحب من الحزب الحاكم نصاب الثلاثة أرباع التي تشترطها المادة (158) من الدستور لكي يتم تعديل فترة مجلس النواب مرة أخرى    التفاصيل من هنــــــا

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق